قادة آسيان يبحثون في كوالالمبور تداعيات الرسوم الأمريكية والنزاعات الإقليمية
قادة آسيان يبحثون في كوالالمبور تداعيات الرسوم الأمريكية والنزاعات الإقليمية
اجتمع قادة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، اليوم الاثنين، في العاصمة الماليزية كوالالمبور، في أول قمة تعقد بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رسوم جمركية جديدة أربكت الاقتصاد العالمي، وأثارت مخاوف واسعة لدى دول التكتل المعتمدة بشكل كبير على التجارة الدولية، ويتوقّع أن يصدر عن القمة بيان مشترك يعبر عن "قلق بالغ" إزاء هذه الإجراءات الأحادية.
وأثارت الرسوم الجمركية الأمريكية، التي أعلنها ترامب في أبريل قبل أن يوافق على تعليقها لمعظم الدول لمدة 90 يوماً، ردود فعل حادة في أوساط دول آسيان، خصوصاً مع ما رافقها من تصاعد للحمائية وانهيار تدريجي لنظام التعددية التجارية.
وفي تصريحات وُزّعت على الصحفيين، أشار رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم إلى أن العالم يشهد تحولاً جيوسياسياً خطيراً، مضيفاً أن "منظومة التجارة العالمية تتعرض لضغوط متزايدة بفعل هذه الإجراءات الأحادية".
وبحسب مسودة بيان اطلعت عليها وكالة "فرانس برس"، من المتوقع أن تؤكد آسيان أن الرسوم الأميركية تشكل "تحديات معقّدة ومتعددة الأبعاد"، لكنها لن ترد بالمثل عبر فرض رسوم من طرفها، بل ستعمل على تعزيز التجارة البينية وتوسيع التعاون مع تكتلات مثل الاتحاد الأوروبي، وفق تصريحات وزير التجارة الماليزي.
تحركات دبلوماسية موسعة
وعكست القمة حرص آسيان على توسيع تحالفاتها الاقتصادية، إذ تزامن الاجتماع مع زيارة رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ إلى كوالالمبور، تمهيداً لمحادثات موسعة مع التكتل ودول مجلس التعاون الخليجي.
ووصفت الباحثة خو بينغ هووي من جامعة مالايا هذا الحراك بأنه يعكس "استراتيجية آسيان في الدبلوماسية متعددة التحالفات".
وفي السياق، أكد أنور إبراهيم أنه بعث رسالة إلى الرئيس ترامب يدعوه فيها لعقد قمة مشتركة بين آسيان والولايات المتحدة هذا العام، في خطوة قال إنها تعكس "رغبة جادة في الحفاظ على روح المركزية"، لكن وزير الخارجية الماليزي محمد حسن أوضح أن الرد الأميركي لم يصل بعد.
الصين وبورما في الواجهة
وفي ما يخص التوترات الإقليمية، شدّد الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس على ضرورة تبني مدوّنة سلوك ملزمة قانونياً في بحر الصين الجنوبي، حيث تتنازع بكين السيادة مع خمس من دول آسيان، منبهاً إلى أن "المماطلة في تبني القواعد قد تؤدي إلى خطوات غير محسوبة في البحر".
أما بالنسبة لأزمة بورما، فقد حاولت ماليزيا تكثيف الضغط على المجلس العسكري البورمي، عبر إعادة التذكير بضرورة التزامه بـ"توافق النقاط الخمس" الذي أقرته آسيان عام 2021.
وأشار وزير الخارجية محمد حسن إلى أن حضور قادة المجلس العسكري مرفوض ما لم يُظهروا تقدماً فعلياً في تنفيذ اتفاق السلام، كما دعا إلى تمديد وقف إطلاق النار الذي أُعلن عقب الزلزال الأخير، رغم استمرار المعارك على الأرض.
تيمور تقترب من العضوية
وفي تطور لافت، أعلنت ماليزيا أن تيمور الشرقية، أحدث دولة في آسيا، اقتربت من نيل العضوية الكاملة في آسيان بحلول القمة المقبلة في أكتوبر، بعد أن حققت "تقدماً كبيراً في تطبيق خارطة الطريق".
وأعرب رئيس وزراء تيمور الشرقية شانانا غوسماو عن تفاؤله، قائلاً للصحفيين: "الجميع يدعم انضمامنا.. كان الأمر مذهلاً".
تعكس القمة الحالية سعي آسيان إلى إعادة ضبط بوصلتها الجيوسياسية والاقتصادية وسط عالم يشهد تراجعاً في النظام التجاري المتعدد الأطراف، وتوترات متزايدة مع كل من الصين والولايات المتحدة، فضلاً عن تحديات داخلية كأزمة بورما.
ورغم كل ذلك، تواصل الرابطة تقديم نفسها كمنصة مركزية للتكامل الإقليمي والاستقرار الاستراتيجي في جنوب شرق آسيا.